تفاؤل مدروس جدا
أخبار الاردن – نبراس نيوز – بقلم جمانة غنيمات : ما تمتاز به حزمة الإجراءات الاقتصادية التي أقرها مجلس الوزراء منذ أيام، هو أنها تأتي استناداً إلى التوصيات الصادرة عن مجلس السياسات الاقتصادية الذي يشرف عليه جلالة الملك؛ أي إنها ليست توصيات خرج بها تقرير صحفي غير ملزم لأي كان، كما أنها -والإجراءات المستندة لها– لم تصدر عن جهة لا تملك الصلاحيات للتنفيذ.
الملاحظ أن التوصيات دخلت في التفاصيل، وقدمت إجراءات عملية، ضمن خطوات واضحة ملزمة تمكّن من تنفيذها. إضافة إلى أنها شملت كثيرا من القطاعات. وهو ما يعني، بالمحصلة، أن هذه التفاصيل، والتي تعهدت الحكومة بتنفيذها، ستساعد في حال النجاح بالتعامل معها، في تغيير قواعد إدارة العمل، حتى لو كان ذلك بدرجة قليلة الآن.
أيضا، وبحسب البيان الرسمي، تعد الخطوات المقترحة مجرد وجبة أولى من حزم أخرى مقبلة، بحيث تفضي جميعها -إن تمت مواصلة العمل على النحو الحالي- إلى استكمال العمل المطلوب. وتبدو أهمية هذا الأمر أيضا في أن ما تم تقديمه ربما يتطور وينمو حتى يشكل برنامج عمل وطنيا، يقوم على إدارة جديدة شاملة للملفات المحلية المتعددة.
المقترحات التي تضمنتها الحزمة الأولى، متنوعة متشعبة. ومن المفترض أن تدخل حيز التنفيذ الفوري، لأنها فعلا إجراءات وتدخلات اقتصادية لا تحتمل التأجيل أكثر، وهي تفيد على المدى القصير، كما ستساهم في تجاوز الصعوبات والتحديات الاقتصادية على مدى أبعد.
وقد أكد مجلس الوزراء التزام الحكومة بتنفيذ توصيات "السياسات الاقتصادية" بكل دقة، وشدد على جميع الوزراء المعنيين تنفيذ ما يتصل باختصاص كل منهم في وزارته، وأن عمل "المجلس" له صفة الاستمرارية؛ فلن يتوقف عند تقديم هذه الحزمة من التوصيات، وإنما سيستمر في اقتراح أخرى جديدة من شأنها تحفيز الاقتصاد بشكل قابل للتطبيق على المديين المتوسط والطويل أيضاً.
شملت الحزمة الأولى ما يقارب 38 توصية. من بينها توفير تمويلي إضافي للمشاريع الصغيرة والمشاريع الريادية وبرامج ضمان القروض، وتخفيض كلفة الاقتراض، بما في ذلك معدلات الفائدة، على المشاريع خارج العاصمة عمان، بما يشجع على إنشائها هناك.
السوق المالي أيضا شملته الإجراءات، إذ جاءت التوصية بتوسيع التداول الإلكتروني في بورصة عمان، وتحويل هذه الأخيرة إلى شركة مساهمة عامة، بالإضافة إلى تمكين هيئة الأوراق المالية من استحداث أدوات استثمارية جديدة، وتوسيع إصدار الصكوك الإسلامية وتخصيص جزء منه لصالح الأفراد، كما إيجاد فرص استثمارية جديدة للمغتربين الأردنيين من خلال الاستثمار في سندات الادخار.
ومن الخطوات التي تعتبر بالغة الأهمية، التوصية بتطبيق معدلات موحدة ومنخفضة للتعرفة الجمركية والضريبة العامة على المبيعات، مع إعادة النظر في الإعفاءات؛ الأمر الذي يتطلب تعديل قانون ضريبة المبيعات العامة، ونظام التعرفة الجمركية، بما يساهم في تحقيق الهدف.
اللافت أن التنفيذ بدأ فعلا. إذ قرر البنك المركزي منح سعر فائدة تفضيلي وزيادة الآجال للسلف الممنوحة للقطاعات الاقتصادية المستهدفة (صناعة، سياحة، زراعة، طاقة متجددة، وتكنولوجيا المعلومات) ضمن برنامج منح سلف متوسطة الأجل للمشاريع خارج العاصمة عمان.
كما شكلت وزارة المالية، لتنفيذ المطلوب منها، لجنة متخصصة لدراسة سبل تخفيض ضريبة المبيعات وتوحيدها مع الجمارك. وستساهم مثل هذه الخطوة في تخفيف العبء الضريبي وتوزيعه بعدالة، عدا عن أن ارتفاع نسب ضريبة المبيعات كان أحد أسباب تراجع حجم الإيراد الحكومي.
على جميع المؤسسات أن تحذو حذو "المركزي" و"المالية" بالمسارعة إلى تنفيذ توصيات "المجلس" التي تدخل في مجال اختصاصها. ويبقى أنه ليس مطلوباً تفاؤل مبالغ فيه بشأن حجم تأثير هذه الحزمة على الوضع الاقتصادي، بل الحرص ابتداء على تنفيذها كما جاءت ومن دون مماطلة، علّنا نغير شيئا من الواقع المعقد على المستوى القريب.