أسامة شحادة يكتب: حرب الإسلام من داخله أخطر الحروب
أخبار الأدن- نبراس نيوز- بقلم أسامة شحادة : “لا يقطع الشجرة إلا غصن منها” قاعدة اعتمدتها جهات كثيرة عبر التاريخ لحرب الإسلام ومحاولة القضاء عليه، وقد فشلت كل تلك المحاولات في الماضي، وستفشل بالطبع المحاولات الحالية والقادمة، ولكن مع الأسف هناك الكثير من الناس يتورطون في هذه المحاولات ويخسرون أرواحهم وإيمانهم في الطريق، كما أن هذه المحاولات تعرقل حركة الإسلام أحيانا أو تلحق الهزيمة ببعض أبنائه في بلد أو زمان ويكون لها آثار سلبية على المسلمين والمسلمات.
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحرب الداخلية في المستقبل بكل وضوح في قوله: “إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان” رواه أحمد وصحّحه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: “ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلّهم يزعم أنه رسول الله” متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: “أخوف ما أخاف على أمتى الأئمة المضلّون” أخرجه أبو نعيم وصحّحه الألباني.
ففي هذه الأحاديث تنبيه وتحذير من جهود المنافقين والمخادعين في استغلال الدين لمحاربته وصرف الناس عنه! وأن هؤلاء المنافقين هم من شرائح مختلفة لكن تجمعهم صفة واحدة وهي أنهم قادة ولهم أتباع وتأثير في الناس، فمنهم علماء انحرفوا، ومنهم عباد جهلة، ومنهم إعلاميون يتكسبون، وهم بين خبثاء مدسوسين ليسوا بمسلمين أصلا ولو تظاهروا به، ومنهم مسلمون غلّبوا أهواءهم على الحق المبين، ومنهم مسلمون انقلبوا على أعقابهم وأصبحوا يحاربونه سرا أو علانية.
وهؤلاء الأئمة المضلون هم: (أئمة الشر) من المفكرين والفلاسفة والإعلاميين الذين نظروا للأفكار والمفاهيم المنحرفة عن الإسلام، ومن الحكام الفسدة الذين حموا ورعوا وروجوا العقائد الباطلة بل وأجبروا المسلمين على اعتناقها، ومن التجار والسادة الذين بثوا الفواحش ونشروها عامدين قاصدين في المجتمعات الإسلامية تحت ستار الفن والموضة والتقدم والحداثة وغيرها.
ويجتمع هؤلاء جميعاً على حرب الدين والإسلام باسم الدين “يزعم أنه رسول الله”، ومن خلال توظيفهم المتقن لفنون الدعاية والإعلام “عليم اللسان”، وفي هذه المرحلة -التي تكاثرت فيها الفتن- على المسلم والمسلمة اليقظة والحذر والتنبّه من اتباع هؤلاء الأئمة المضلين أو المنافقين الحاذقين.
ومن أمثلة ما تم في العصر الحاضر من حرب على الإسلام من داخله ما يلي حتى نقارن ما تم بما سيتم حاليا وفي المستقبل:
* جماعات الغلو والتطرف والتكفير، فإن هؤلاء رفعوا راية نصرة الإسلام والدفاع عنه وحماية المسلمين، لكنهم وقعوا في طامات كثيرة بجهل أو غباء أو عمالة واختراق، فكفّروا المسلمين، علماء وعامة وساسة، ثم قتلوهم وفجّروهم، وتجرأ بعضهم على استباحة الحرم المكي قبل عقود ومحاولة مهاجمة الحرم المدني مؤخراً، ثم شوهوا صورة الإسلام بسلوكياتهم المنحرفة في التشدد والتنطع بما يخالف أحكام الشريعة، ومن ثم في عملياتهم الإرهابية والعدوانية في بلاد الإسلام، ثم في دول متعددة.
* ويقابل هؤلاء جماعات وأفراد رفعوا راية الإسلام والسلام لكنها في الحقيقة هدمت أصول الدين إما بنفي حجية السنة النبوية الذين يسمون أنفسهم بالقرآنيين وهم في الحقيقة أتباع الأهواء الآرائكيين كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم، أو من نفوا الجهاد وأنكروه بالكلية، ولذلك رعتهم بريطانيا في الهند أيام احتلالها لها ثم تطور حالهم حتى ادّعى صاحبهم النبوة كالقاديانيين الأحمديين، أو الطرقيين في الجزائر الذين حرّموا مقاومة الاستعمار الفرنسي، وأباحو محاربة الفرنسيين للمجاهدين والمقاومين الجزائريين!
* ومن أئمة الضلال والمنافقين عليمي اللسان كثير من الرموز العلمانية التي خاضت في أمور الشريعة الإسلامية اعتمادا على المناهج العلمانية والحداثية فطوعت الإسلام لكل مقولات الإلحاد والإباحية، فالشك في وجود الله قضية شخصية ووجهة نظر (محترمة) عندهم! والحجاب أصبح لا يزيد عن لبس السباحة النسائي! والخمر والزنا حلال! والقرآن الكريم ليس مقطوعا بصحته وسلامته!
وللأسف أن هذا أصبح متداولا بكثرة في الإعلام والصحف، ويبرز أهله ويلمّعون حتى اغتر بهم الشباب والشابات وأصبح له وجود بينهم باسم الإسلام العصري والتدين المستنير!
* ومن أئمة الضلال كثير من مرتدي العمائم والجبب الأزهرية -زورا وبهتانا- أو معتلي المنابر أمام الكاميرات وهم مزيفون لا علاقة لهم بالأزهر ولا بالدراسات الشرعية، بل هم أعضاء في أحزاب شيوعية، وبعضهم ترك الإسلام واعتنق دينا آخر، والآن يقدم نفسه على أنه مجدد للدين! وثالث طبيب يتنقل بين الأفكار والتيارات المنحرفة أسرع من تنقله بين شاشات الفضائيات، وهؤلاء وغيرهم لا همّ لهم إلا هدم الثوابت الدينية والطعن في الرموز الإسلامية والتشكيك في كل المسلّمات الشرعية، وقد تبيّن لكل طالب للحقيقة إغواءهم من الحق وبعدهم عن الصواب في المناظرات التي دخلوها مع الدعاة والعلماء الصادقين، أو من خلال الردود التي قام بها أهل الرسوخ على أباطيلهم وشبهاتهم، ولكنهم أوتوا حلاوة في اللسان وإباحة للشهوات وترويجا ودعما من فضائيات المجون والفجور، فوافق شنٌّ طبقة!
* ومن أئمة الضلال تلاعب الساسة بالدين إما برفع شعارات إسلامية براقة أو التلاعب بالمفاهيم الشرعية وتحريفها أو تصدير بعض المنحرفين كموجّهين للتدين والدعوة الإسلامية.
فهذا الخميني استخدم اسم القدس ليشكل باسمها احتفالية يوم القدس في آخر جمعة من كل رمضان ومن ثم شكل مليشيات طائفية إرهابية باسم جيش القدس، وعاث في بلاد الإسلام فسادا وإرهابا تفوق به على إرهاب الدواعش، وخاض المعارك في كل البلاد إلا القدس!
وكذلك جعفر النميري دغدغ عواطف المسلمين والإسلاميين باسم تطبيق وتحكيم الشريعة لكنه وظف ذلك لأجندة سياسية خاصة بدلا من مراعاة مصلحة الإسلام في التطبيق والتحكيم، فبدأ بالحدود وطبّقها على الضعفاء وتجاوز عن تطبيقها على نفسه وحكمه.
والقذافي ادّعى أنه رسول الصحراء الذي جاء بالكتاب الأخضر وخطب الجمعة وأقصى العلماء ووصف مخالفيه بالزنادقة في إضلال للناس عن الحق والحقيقة، ويبدو أننا سنشهد مولد “قذاذفة” جدد في المرحلة القريبة!
وكم نجد من يفتي بتأليب الجيش على قتل المعارضين السياسيين وإباحة دمائهم في داعشية رسمية أمام الكاميرات والفضائيات، ويتناسون قوله صلى الله عليه وسلم: “لزوال الدنيا أهون على الله مِن قتْل رجل مسلم” رواه الترمذي والنسائي، وصحَّحه الألباني.
وختاماً؛ فإن المخططات الدولية المعلنة من مراكز الدراسات الغربية والشرقية ودولة اليهود تصرح وتعلن بكل وضوح أنهم سيصنعون ويروّجون إسلاما يناسبهم بين المسلمين، وأنهم سيرعون ظهور زعامات دينية وإسلامية تقود هذا الإسلام المزيف.
والعاقل الحريص على سلامته ونجاته في الدنيا والآخرة يلزمه التنبه والتثبت لمصادر تدينه وتعلمه أحكام الشريعة، فالعلماء الثقات والدعاة المخلصون متوافرون والحمد لله، لكن ما يلزم هو الجدية والحرص على التعلم من مصدر معلوم موثوق والالتزام السليم السديد، والله حافظ دينه وناصر عباده المخلصين.