مقالات

الدكتور يعقوب ناصر الدين يكتب: الإدارة بالأزمة !

64أخبار الأردن- نبراس نيوز- بقلم: الدكتور يعقوب ناصر الدين.. لا توجد منطقة في العالم تنطبق عليها معظم نظريات إدارة الأزمات مثل منطقة الشرق الأوسط ، التي ارتبط تعبير الأزمة بها منذ عدة عقود ” أزمة الشرق الأوسط ” وهي مجموعة من الأزمات المتداخلة والمتعاقبة التي أدت إلى زعزعة الاستقرار ، وأربكت الدول والشعوب ، وأنتجت كوارث إنسانية واقتصادية واجتماعية وأمنية ، وما زالت تتفاعل وسط حالة من الضبابية والغموض .

وما أكثر الأسئلة التي تبحث عن أجوبة شافية لمعرفة ما إذا كانت المنطقة تواجه أزمة نابعة من داخلها ، لكي نعرف نوع  السياسات اللازمة لإدارتها ، أم أنها ضحية أزمات مخططة ومبرمجة تحقق القوى الدولية من خلالها مصالحها الإستراتيجية  ، وفق معادلة الاستحواذ على النفط ، والاستثمارات الكبرى ، والسيطرة على القوى الناشئة ، ، والتفوق على القوى المنافسة مثل روسيا والصين ، وهي بالتالي تخلقها وتديرها في آن معا !

إدارة الأزمات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو مالية أو عسكرية أو طبيعية ، تفرض على الدول فهمها أولا ، ومن ثم تقدير مدى خطورتها وتأثيرها على مصالحها العليا ، وعلى أمنها واستقرارها ونموها وتقدمها ، فتعمل على رسم خطتها لمواجهة تلك الأزمة ، عبر ثلاث ممارسات متتالية ومتداخلة هي التفكير الإستراتيجي ، والتخطيط الإستراتيجي ، والإدارة الإستراتيجية .

والغريب أنه في حالة هذه المنطقة نجد جميع المصطلحات ذات العلاقة بالأزمة حاضرة على شكل حوادث ومشاكل وصراعات وكوارث ، تزيد من تفاقم الأزمة ، ومن تعقيداتها ، بحيث أصبحت المنطقة أشبه بمريض تفصل بين تدهور حالته الصحية ، وبين تماثله للشفاء لحظات قليلة ، ولعلي أشير هنا إلى الآمال المعقودة مثلا على تفاهم أمريكي روسي لحل بعض أزمات المنطقة ، بينما تنقل لنا الأخبار أن الرئيس الروسي بوتن أطلق بنفسه أربع صواريخ إستراتيجية ، من بين مجموعة الصواريخ التي أطلقت في مناورة عسكرية !

قد لا يشكل ذلك تعقيدا لأزمات المنطقة ، ولكنه مؤشر على طبيعة العلاقات الدولية المرشحة لأزمات عالمية ، حيث يحتد التنافس من أجل تحقيق التوازن بين القوى  والأقطاب المتعددة ، لإنهاء مرحلة القطب الواحد !

نحن إذن أمام أزمة أو مجموعة أزمات لها أسبابها وخصائصها ، ولا يمكن مواجهتها أو التقليل من مخاطرها ، من دون إستراتيجيات وقائية أو علاجية ، لها شروطها وعناصرها العلمية والعملية ، التي يعرفها المفكرون الإستراتيجيون ، لتتحول إلى خيار ومن ثم إلى قرار إستراتيجي ، يفضي إلى خطة يتم تنفيذها عن طريق المجموعة التي تدير الأزمة .

من وجهة نظري نحن في الأردن نواجه حقيقة أننا ننتمي إلى منطقة مكتظة بالأزمات فرضت علينا التعامل من خلال إستراتيجية وقائية ، أساسها حماية حدودنا المشتركة مع العراق وسوريا ، وحماية أمننا الداخلي من الإرهاب ، ولأن تلك الأزمات قد أثرت على واقعنا الاقتصادي والاجتماعي ، نتيجة التكلفة الباهظة للإستراتيجية العسكرية الأمنية ، وتبعات اللجوء السوري ، فإننا بحاجة إلى إستراتيجية علاجية من أجل معالجة الأضرار والخسائر التي لحقت بنا نتيجة الواقع الإقليمي ، بسبب تعطل التجارة مع دول الجوار ، وتراجع المعونات ، وغيرها من العوامل التي أعاقت مشاريع التنمية وأبطأت عجلة الاقتصاد الوطني .

والسؤال الآن ، ومن منظور علمي وعملي ، ما هو نوع الإستراتيجية التي يحتاجها الأردن كي يتغلب على واقعه الراهن ؟  وللحديث بقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى