كاتيا عباسي تكتب: الإسكندر انتصر.. وهتلر اندثر
أخبار الأردن-نبراس نيوز- بقلم كاتيا عباسي..الطفولة تترك أثر فينا يبقى حتى آخر نفس على قولة عمر دياب أنا مهما كبرت صغير. فقد حملت منذ تلك الطفولة التي رحلت قبل سنوات لا بأس بها حباً وعشقاً لشخصيات منها من بقي في الفؤاد ومنها من ذهب ولم يعد. أذكر أني تأثرت بشخصتين متناقضتين أولهما نزار قباني وما زال في قلبي أحمله معي أينما أذهب والآخر الإسكندر المقدوني الاعظم وقد دفنت هذا الحب كمحي حب المراهقة الاول. اسمح لي أن أشرح لك لماذا غادر المقدوني القلب.
الإسكندر المقدوني أعظم قائد في التاريخ ومؤسس أكبر الامبراطوريات التي عرفها العالم القديم، فقد كان حلمه الاول والأخير هو الوصول إلى آخر العالم والسيطرة عليه. وعلى الرغم من أنه لم يستطع تحقيق الحلم المنشود إلا أنه استطاع أن يحقق إنجازاً عظيماً يذكره التاريخ حتى بعد أكثر من ألفان وخمسمائة سنة وكأنه حقق إنجازه الأمس. هذا العظيم الذي سميت أجمل بقاع البحر الأبيض المتوسط على اسمه، هذا الذي هزم الفرس وتتلمذ على يد أرسطو (متخيل، أستاذه أرسطو عارف شو يعني إنو معلمه أرسطو، هاي الحقيقة صدمتني عندما عملت بها لأول مره وماجعلتني أنبهر به وأنا في العاشرة ولسه مصدومة والحمدلله) وقبيلته أرقى القبائل وأكثرها أصالة في عصره و آلاف الأساطير تدور حوله. كان لقومه أكثر من مجرد قائد كان إله أغريقي مخلد ممجد أليس هو حامل الراية وقائد مسيرة النصر. فقد استلم الحكم في عمر صغير وبالرغم من ذلك كان يتمتع بحنكة وذكاء ودهاء ورسالة مفادها أنه مكلف بنقل ثقافة أمته الى آخر العالم وكيف لا وهو ابن أعظم عرق عرفته البشرية في ذاك الوقت. الإكسندر الأكبر العظيم المنتصر القائد الذي احتل المرتبة الاولى في قوائم التاريخ. مش جايه أعرفك عليه بعرف إنك بتعرفه وبتقدر تبحث عنه على جوجل وفي على يوتيوب مئات الفيدوهات عنه بس الله يخليك اصبر علي شوي أوصلك فكرتي…
وعلى العكس تماماً دخل أدولف هتلر مزبلة التاريخ من أوسع أبوابها، مش رح أغلبك وأعرفك عليه هو الثاني على الاكيد بتعرف إنو الدكتاتور النازي السادي العنصري المجرم صاحب أكبر مجزرة حدثت في عصرنا الحديث ولن أختلف مع ذلك. لكن السؤال الذي حيرني طوال سنين عديدة لماذا؟ لماذا الإسكندر زعيم وهتلر هزيم، ما الفرق بينهما؟ كلاهما حلم بالسيطرة على العالم لكن الأول انتصر والآخر اندثر.
يقولون مبررين أن المجازر التي قام بها المهزوم لا يمكن تصديق مدى وحشيتها واسمح لي هنا أن أختلف. شو الإسكندر احتل العالم بالورد الأحمر وحمامة السلام بل عرف عنه أن مثال حي لوحش كاسر بقلبه لا يوجد أي ذرة إنسانية وما أرّخه التاريخ على أنه ملحمة سيريالية المعالم (مابعرف شو معناها بس مش مشكلة) كانت مجزرة تمنى فيها القتيل لو كان شاة تساق إلى الذبح. فكر معي شوي واحكيلي إذا أنا غلطانة، عمرك سمعت عن حضارة قامت من غير دم وحرب وما يتبعه. عمرك وعلى مدار تاريخ البشرية شفت معارضة حقيقية مارست حقها بالتعبير عن الرأي وغيّرت بصورة سلمية. أكاد أجزم قطعياً لو أن المقدوني شاف الوضع هلأ سوف يشكر الله إنو ما كان في ديمقراطية على دوره و لا منظمات حقوق إنسان و لا شعوب ترفع شعارات إرحل وتصوير لايف وبث حي ومباشر عبر مواقع التواصل لاحقة الزلمة خطوة بخطوة، يعني الزلمة أخذ راحته على الاخر لا معارضة ولا أحزاب ولا منظمات يعني شنع وهو مرتاح وبرضه التاريخ عظمه وكرمه وقبله بين عيونه كيف لا فهو القائد الأعظم.
فأخبرني الآن ما كان سيكتب التاريخ عن أدولف هتلر لو انتصر في حربه وسيطر على العالم؟ برأيي لكان العالم برمته دفع الغالي والنفيس للحصول على رضى الباشا، وشعارات العظمة والإنجاز ستملىء صفحات التاريخ. فالتاريخ يحترم ويقدس المنتصرين فقط، فالتاريخ يكتبه الاقوى كيفما يشاء. التاريخ كعملة نقدية بوجهان يا بطلعلك المقدوني أو هتلر، أنت يا منتصر يا مهزوم وكل حرب تجد لها شرعية ومظلمة وشماعة للمنتصر فقط لا غير. بس لو سمحت خلي حربك بهالقرن الذي يزعم بأنه مناصر لحقوق الإنسان والمرأة وحقوق الي بدك إياها ومع أنه هذه المنظمات بس شاطرة تستنكر وتدين لا أكثر ولا أقل بس ما علينا، خليها حرب اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. سيطر باختراعاتك وصناعاتك واستكشافاتك وإنجازاتك، خلي يصير في احتياطي محترم بالبنك المركزي أو تعليم مجاني نفتخر فيه، بنية تحتية تليق بالبشر ومستشفيات تستقبل الفقير قبل الغني، سيطر هيك شو بمنعك؟ هيو ألمانيا فهمت متطلبات العصر وأضحت قوى لا يمكن الاستهانة بها.
أنا شخصياً وبعد قراءة وتأمل بهذا التاريخ الطويل بفكر ليه عم تطالب الشعوب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ليش ما عم بتطالب بالحصول على حياة كريمة فيها صحة وتعليم وبنية تحتية ووظائف للباحثين عنها وحقوق للأقليات. برأيي الشعوب حبّت تستعمل كلام كبير عشان الحكومات تأخذها على محمل الجد، لأنه لما تسمع مطلب شعبي ينص على أبسط حقوقه لاتستوعبه ولاتسمعه من أصله، بتفكر انو عم بنمزح معها وردها كالعادة خطابات رنانة لابتقدم ولابتأخر. هاي الحكومات يا سيدي ينطبق عليها المثل أو المقولة الشهيرة أسمع كلامك أصدقك، أشوف عمايلك استعجب وبالآخر جميع الأنظمة هي منتصر أو منهزم، ارمي العشرة قروش بالهواء يا بطلعلك الإسكندر يا هتلر إنت وحظك ماهي خربانة خربانة. الحق بانتظاره عند رب العالمين فقد ضاع بين أيدي الظالمين…